تحمل قلعة حلب في جنباتها تاريخاً يمتد لأكثر من أربعة آلاف عام، إلا أن شكلها الحالي تشكل بشكل رئيسي خلال الحقبة السلجوقية وما تلاها، شُيدت أولى التحصينات فوق صخرة كلسية طبيعية ترتفع حوالي 50 متراً عن مستوى المدينة، مما وفر رؤية بانورامية تمتد إلى سهول الباب شرقاً وسفوح جبل سمعان غرباً.
في مطلع القرن الثاني عشر، قام نور الدين زنكي بتحويلها إلى قلعة حصينة، إذ حفر خندقاً دائرياً بعمق 22 متراً، وأقام جسراً مقنطراً بسبع منعطفات متعرجة تُجبر المهاجم على كشف جانبه للسهام.
لاحقًا، أضاف صلاح الدين الأيوبي صهاريج مياه منحوتة في الصخر، ومجسماً بقبّة مثمنة تتزين بطراز المقرنصات.
شهدت القلعة ثلاث عمليات ترميم بارزة: المملوكية بين عامي 1250-1290، والعثمانية عام 1521، ثم السورية-يونسكو بين 1995-2008، حيث تم استبدال الملاط الإسمنتي بملاط جيري تقليدي، ومعالجة تصدعات البرج الغربي بألياف الكربون. خلال صراع 2012-2016، تعرضت واجهتها الشمالية لأضرار بفعل القصف المدفعي، إلا أن الصخور الصلبة حالت دون انهيارها. أما زلزال فبراير 2023، فقد أدى إلى تشققات سطحية تم إصلاحها بملاط هيدروليكي دقيق.
اليوم، تعد القلعة رمزاً للهوية الحلبية، وموقعاً رئيسياً لفعاليات الموسيقى الصوفية وليالي رمضان. يمر الزوار عبر باب الدفاع المتكسر إلى باحة واسعة، حيث تروي اللوحات التفاعلية تاريخ القلعة عبر حقبها البيزنطية والأيوبية والمملوكية. تشمل الجولة أيضاً متحف الأسلحة، بقايا معبد حثي، وممشى فوق الأسوار، حيث يمكن للزائر الاستمتاع بإطلالة برجيّة فريدة تغرب فيها شمس حلب خلف المئذنة الأموية التي استعادت مكانها في الأفق الحلبي.