تأسست تل بيدر في الألفية الثالثة قبل الميلاد وبلغت ذروتها في القرنين ٢٥ و٢٤ قبل الميلاد، حيث كانت مركزاً إدارياً تابعاً لمملكة نجار (تل براك حالياً). أظهرت الحفريات وجود أرشيف إداري يضم حوالي ٢٣٠ لوحاً مسمارياً، معظمها سجلات زراعية، ما يشير إلى نظام إداري متطور ومتقدم في تلك الحقبة. ومع مرور الزمن بدأت المدينة تشهد تراجعاً واضحاً خلال الفترات اللاحقة، بدءاً من الاحتلال الحوري، ثم الآشوري، وأخيراً مع الاستيطان الهلنستي في القرنين ٢ و١ قبل الميلاد. يمتد موقع تل بيدر على مساحة تبلغ ٤٠ هكتاراً ويتكون من أكروبول مرتفع تحيط به مدينة سفلى. كشفت بعثة دنماركية خلال أعمال التنقيب عن شارع رئيسي مرصوف بالحجر يقود إلى معبد مدرّج ذي درج مركزي، مما يدل على تخطيط مدني دقيق. كما عُثر على أكثر من ٤٠٠ ختم إداري مصور، توضح مشاهد لسادة يقدمون القرابين لأرباب الحرب والحصاد، مما يكشف عن طقوس دينية وإدارية متداخلة في حياة سكان المدينة. في العصر الحديث نفذ المشروع الهولندي أعمال صيانة تهدف إلى حماية الطوب اللبن، وذلك عبر أغطية قماشية تغطي الجدران، ما يجعل الموقع مصنفاً كموقع محفوظ نسبياً. وتُطرح حالياً خطط لإعادة بناء إحدى بوابات المدينة باستخدام الطوب الأصلي بغرض توضيح تقنيات الدفاع الطينية للزوار، ما يعكس اهتماماً متزايداً بإحياء التراث وتقديمه بشكل تعليمي وسياحي يعزز فهم الحضارات القديمة
