ترتفع جرادة على نتوء كلسي في الكتلة الغربية من جبل الزاوية، وتُشرف على وادي البارة من الجنوب، ضمن ما يُعرف بـ«المدن الميتة» أو «المدن المنسية» في شمال سوريا. ازدهرت القرية خلال القرنين الخامس والسادس الميلاديين، وشهدت نشاطاً عمرانياً ملحوظاً مرتبطاً بازدهار الزراعة، لا سيما زراعة الزيتون، التي كانت من أهم موارد الريف السوري في تلك الفترة.
تُعد الكنيسة الرئيسية في جرادة من أبرز معالمها المحفوظة، وقد بُنيت نحو عام 510 م، وفق طراز البازيليكا السوري–البيزنطي. وتتميّز ببرج يعلو واجهتها الغربية، يُرجّح أنه استُخدم لأغراض رمزية أو وظيفية، مثل تحديد موقع الكنيسة من مسافات بعيدة، وربما لأغراض طقسية.
عُثر في بعض المباني السكنية على غرف صغيرة ذات تجهيزات حرارية بسيطة، يُحتمل أنها كانت تُستخدم للتدفئة، ما يُشير إلى تفاوت في مستوى المعيشة بين السكان، وإن لم تُكتشف منشآت حمام متكاملة على غرار ما يوجد في قرى مجاورة مثل سرجيلا أو البارة.
كشفت بعثات أثرية فرنسية في النصف الأول من القرن العشرين عن فسيفساء هندسية تزيّن أرضية المذبح في الكنيسة، وسُجّلت نقوش يونانية على مداخل بعض المباني، منها نقش يُذكر فيه اسم شخص يُدعى «ديمتريوس»، يُرجّح أنه كان من رعاة الكنيسة أو من ممولي بنائها.
تضررت بعض الجدران الجنوبية للكنيسة خلال العقود الأخيرة بسبب الإهمال والعوامل الطبيعية. وتشير دراسات أثرية حديثة إلى ضرورة تدعيم الأبنية المهددة باستخدام الجير الهيدروليكي ومواد حديثة غير مرئية، مثل ألياف الكربون أو الزجاج، تحت إشراف مختصين في الترميم الأثري. وتُطرح حالياً مبادرات محلية لدمج جرادة ضمن مسارات سياحية بيئية، تربطها بقرى أثرية مجاورة مثل البارة وسرجيلا، بهدف تنشيط السياحة الثقافية والريفية في المنطقة.