تقع قلعة معرة النعمان على هضبة كلسية مرتفعة تُشرف على الطريق التجاري الذي يربط بين مدينتي حماة وحلب، ويحيط بها من ثلاث جهات نهر الهرماس الموسمي. يُعتقد أن القلعة تعود في أصلها إلى العصر الروماني، وقد أعاد الحمدانيون استخدامها لاحقاً، ثم تعرضت للدمار خلال الحملة الصليبية الأولى، قبل أن يعاد ترميمها في العهد الأيوبي.
شهدت القلعة واحدة من أبشع المجازر خلال الحملة الصليبية الأولى عام 1098م، إذ احتمى بها عدد كبير من سكان المعرة هرباً من القوات الصليبية. وبعد حصار دام نحو خمسة عشر يوماً، أُعطي السكان الأمان كذباً، ثم قُتل منهم الآلاف في واحدة من أفظع المجازر التي وثّقتها المصادر التاريخية.
تشير بعض الروايات الصليبية إلى أن بناء القلعة كان يتكون من مدماكين: خارجي مبني من حجارة مصقولة، وداخلي من ردم كلسي كثيف، مما منحها قدرة أكبر على مقاومة القصف بالمقاليع. وقد احتوى البرج الشرقي المربع على درج حلزوني يؤدي إلى سطح مكشوف كان يُستخدم من قبل الرماة للدفاع عن القلعة.
في عام 1235م، أمر حاكم حماة في العهد الأيوبي بإعادة بناء القلعة، إلا أنها تعرضت للتدمير مجدداً على يد الخوارزميين عام 1240م. وفي عام 2019م، تعرّض الضلع الغربي من القلعة لانفجار كبير، لكن المسح الطوبوغرافي أظهر إمكانية ترميمه باستخدام قوالب حجرية مناسبة تُعيد له هيئته الأصلية.
تُعد قلعة معرة النعمان شاهداً حياً على تاريخ المدينة الغني، وتعكس الأهمية الاستراتيجية لموقعها، إذ كانت عبر العصور محطةً هامة للقوافل ومركزاً لتلاقي الحضارات المختلفة.
