في أحد مداخل المدينة القديمة في السويداء، ينتصب قوس النصر كرمز من رموز المجد المعماري والتاريخي، وشاهد على الفترات الرومانية التي مرّت على المنطقة وخلّفت إرثاً غنياً في الحجر والهوية. يُعتقد أن بناء القوس يعود إلى القرن الثاني أو الثالث الميلادي، في الفترة التي شهدت ازدهاراً عمرانياً كبيراً في مدن جبل العرب، وارتباطاً وثيقاً بالإمبراطورية الرومانية.
يتميّز قوس النصر بتصميمه الروماني الكلاسيكي، حيث يتكوّن من فتحة واحدة تعلوها نقوش حجرية بازلتية تُبرز المهارة في النحت والبناء. ارتفاعه اللافت وموقعه الإستراتيجي عند أحد مداخل المدينة القديمة جعله بمثابة بوابة رمزية، تُعلن عن الدخول إلى مركز الحياة الاجتماعية والعمرانية في العصور الغابرة. وغالباً ما كان يُشيّد هذا النوع من الأقواس في المدن الرومانية لتخليد ذكرى الانتصارات أو تكريم شخصيات بارزة، وهو ما يعكس وظيفته الرمزية الاحتفالية.
يقف القوس اليوم كأثر منفرد بين مباني المدينة الحديثة، يراقب بصمت تغير الأزمنة، ويحمل في تجاويف حجارته البازلتية ذاكرة مدينة عريقة. تحيط به الأبنية والأسواق، لكنه يفرض حضوره كعلامة مميزة، تربط بين الماضي والحاضر، وتمنح المدينة هويتها البصرية.
ورغم غياب التوثيق المفصل عنه في بعض المصادر، لا يزال القوس محتفظاً بجزء كبير من بنيته الأصلية، ما يجعله هدفاً مهماً لأعمال الحماية والترميم في المستقبل.
إن توثيق قوس النصر في السويداء اليوم هو توثيق لمدينة مرّت عبر التاريخ بمحطات من العز والعطاء، واحتفظت بجمالها رغم التحديات. إنه معلم لا يمكن تجاهله، وجزء حيّ من العمارة التي تتحدث بلغة الحجر عن هوية لا تنكسر.