معبد عين دارا، الواقع على بعد نحو 6 كم جنوب مدينة عفرين في شمال غرب سوريا، يُعد من أبرز المعالم الأثرية في المنطقة، تم اكتشافه عام 1955م بعد العثور على تمثال أسد بازلتي كبير، مما دفع إلى بدء أعمال التنقيب التي كشفت عن معبد فريد من نوعه يعود إلى العصر الحديدي (حوالي 1300–740 ق.م).
يتميز المعبد بتصميمه الثلاثي المراحل، حيث يتألف من فناء خارجي، قاعة أمامية، ومصلى داخلي، ويُعتقد أن هذا النمط المعماري يعكس تأثيرات حضارية من الحيثيين والآراميين. أحد أبرز معالم المعبد هو (الأقدام العملاقة) المنحوتة على عتباته، والتي يُعتقد أنها ترمز إلى دخول الإله إلى المعبد، مما يعكس الطقوس الدينية التي كانت تُمارس في ذلك الوقت.
تُزين جدران المعبد بنقوش بارزة تمثل أسوداً مجنحة، وأبو الهول، ورؤوساً بشرية، بالإضافة إلى تماثيل لثيران، مما يدل على التنوع الثقافي والتأثيرات الفنية المتعددة التي شهدتها المنطقة.
في يناير 2018، تعرض المعبد لأضرار جسيمة نتيجة ضربات جوية خلال العمليات العسكرية في منطقة عفرين، حيث تشير التقارير إلى أن حوالي 60% من المعبد تم تدميره، لحماية ما تبقى من الموقع، تم نقل القطع الأثرية البازلتية إلى مخازن آمنة، كما يجري حالياً مسح ثلاثي الأبعاد بدقة عالية (0.2 مم) لإنتاج نسخة رقمية من المعبد، بهدف توثيقه والحفاظ عليه للأجيال القادمة.
يُعتبر معبد عين دارا مثالاً فريداً على العمارة الدينية في سوريا القديمة، ويعكس التفاعل بين الحضارات المختلفة التي استوطنت المنطقة، كما أن العناصر الفنية والمعمارية للمعبد توفر رؤى قيمة حول الممارسات الدينية والطقوس التي كانت سائدة في تلك الحقبة.