تقع داحس شمال محافظة إدلب، وهي موقع أثري عريق يعود تاريخه إلى العصر الروماني في القرن الأول الميلادي، وبلغ ذروة ازدهاره خلال العصر البيزنطي في القرنين الخامس والسادس.
يتموضع الموقع فوق تل منخفض، تحيط به خنادق حجرية صُممت لحمايته من فيضانات سهل الروج، ما يشير إلى براعة هندسية مبكرة في مواجهة الطبيعة.
من أبرز الاكتشافات في داحس:
أساسات حصن يعود إلى فترات مبكرة، بطول 60 متراً، يحتوي على حجر زاوية مثقوب كان يُستخدم لتثبيت بوابة خشبية ضخمة، ما يبرهن على الطابع الدفاعي للمنطقة في مراحلها الأولى.
أختام طينية تحمل اسم الإله “رشف”، تكشف عن ارتباط داحس بشبكة تجارة واسعة امتدت حتى مدينة أوغاريت.
وفي الطبقة البيزنطية، ظهرت ملامح تجمع ريفي متكامل، شمل:
مساكن مقببة
طاحونة حجرية لاستخراج زيت الزيتون
ما يدل على دور داحس كمركز زراعي نشط، إضافة إلى أهميتها الدينية التي تكرّست من خلال الكنائس والمباني ذات الطابع الروحي.
مع حلول القرن السابع الميلادي، بدأت داحس بالتراجع تدريجياً نتيجة تغيرات مناخية وتحولات في طرق التجارة، حتى أُهملت بالكامل.
رغم اندثار معالمها فوق الأرض، لا تزال تُعدّ من أبرز مواقع ما يُعرف بـالمدن الميتة في سوريا.
واليوم، لم يبقَ من داحس سوى الخنادق القديمة وبعض الأساسات، بينما استُخدمت حجارتها في أبنية حديثة، لتبقى الذاكرة المعمارية حاضرة في صمت الحجارة.