يقع خان الحرير في قلب مدينة حلب القديمة، وهو من أبرز الخانات التاريخية التي تعكس ازدهار المدينة التجاري خلال العهد العثماني. بُني هذا الصرح التاريخي عام 1574م بأمر من درويش باشا، حاكم دمشق آنذاك، كوقفٍ لجامع الدرويشية، وقد حمل في بداياته اسم “قيسرية درويش باشا” قبل أن يُعرف لاحقاً باسم “خان الحرير” نسبةً لتخصصه في تجارة الحرير والنسيج.
يمتاز خان الحرير بتصميمه شبه المربع الذي يشغل مساحة تقارب 2500 متر مربع، ويضم 27 محلاً مسقوفاً منتشرة على جدرانه الخارجية. عند المدخل الرئيسي في الجدار الشمالي، تفتح فسحة سماوية واسعة تبلغ حوالي 300 متر مربع، تحيط بها صفوف من الغرف التي كانت تُستخدم سابقاً كورش ومحلات للحرير. وتُغطى هذه الفسحة بأحجار سوداء تتوسطها حوض مستطيل، فيما يتبع المبنى الطراز الدمشقي العريق في البناء، حيث يحتوي على طابقين يصل إليهما درجان في الجانبين خلف المدخل. كما تُزين المبنى أربع وأربعون قبة تمتد فوق الممرات، وتتميز جدرانه بمداميك الأبلق التي تشكل علامة مميزة للعمارة المملوكية العثمانية.
شهد خان الحرير في السنوات الأخيرة أعمال ترميم واسعة النطاق، شارك فيها خبراء في العمارة التقليدية، بهدف إعادة تأهيله كمركز تجاري وثقافي يواكب العصر مع الحفاظ على روحه التاريخية. تم التركيز على المحافظة على العناصر الأصلية مثل الزخارف الحجرية والأقواس التي تزين المبنى.
اليوم، يُستخدم خان الحرير كمركز لعرض وبيع الأقمشة والمنتجات النسيجية، ويُعد وجهة سياحية بارزة تعكس تاريخ حلب العريق وتراثها التجاري الغني.