على مدى آلاف السنين، كانت سوريا قلباً نابضاً للحضارات ومهداً للفنون والعلوم والعمارة التي تركت بصماتها على تاريخ الإنسانية. من تدمر وأفاميا في البادية، إلى أوغاريت وماري على الساحل وضفاف الفرات، ومن أسواق دمشق وحلب القديمة إلى قلاع حماة وحمص والحصون المنيعة في اللاذقية وطرطوس، ومن المواقع النبطية في درعا إلى القرى الأثرية في إدلب، ومن المدرجات الرومانية في بصرى السويداء إلى المعالم التاريخية في دير الزور والرقة، تمتد فسيفساء التراث السوري لتغطي جميع المحافظات، حاملة في طياتها حكايات الشعوب التي تعاقبت على هذه الأرض وتلاحمت ثقافاتها عبر الزمن.
لكن هذا التراث العريق لم يسلم من ويلات الدمار والفقد، إذ تعرضت مئات المواقع التاريخية للتدمير الجزئي أو الكلي، وتلاشت أجزاء ثمينة من الذاكرة المادية التي تجسد هوية الشعب السوري وتحمل حكاياته للأجيال القادمة.
من هنا انطلق مشروع “كنوز سوريا “كمبادرة وطنية توثيقية تهدف إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الإرث السوري، وحفظه في ذاكرة رقمية موثوقة تصونه من الضياع. حيث اعتمد المشروع على منهجية بحثية دقيقة، تجمع بين التقصي الرقمي، وجمع المواد الأرشيفية، والتوثيق الفوتوغرافي المتاح، والبحث الأكاديمي في المصادر التاريخية الموثوقة، مع الابتعاد التام عن أي مصادر غير معتمدة.
يعمل فريق مشروع “كنوز سوريا” على توثيق المعالم الأثرية والمعمارية في مختلف المحافظات السورية، وتصنيفها بحسب نوعها، مع تحديد الحالة الراهنة لكل معلم ضمن تصنيفات واضحة ومعتمدة، كما لم يقتصر عمل الفريق على جمع البيانات فحسب، بل شمل أيضاً عمليات البحث، والتوثيق، والترجمة، والتدقيق، وصولاً إلى تصميم الموقع الإلكتروني ثنائي اللغة (العربية والإنجليزية) الذي يمثل المنصة الرقمية الرسمية للمشروع.
بجهود أكثر من 60 عضواً متطوعاً من خمس غرف محلية، تم إدراج وتوثيق أكثر من 500 معلم أثري وتاريخي تغطي جميع المحافظات السورية، حيث يتيح هذا الموقع للباحثين، والمهتمين، وعشاق التاريخ استكشاف التراث السوري والتعرف على قصصه، من خلال محتوى غني يروي تاريخ كل معلم، وأهميته الحضارية، والتحولات التي شهدها عبر الزمن.
إن “كنوز سوريا” ليس مجرد مشروع توثيق، بل هو جسر يصل الماضي بالحاضر، ويجعل من حماية التراث مسؤولية جماعية تساهم فيها كل فئات المجتمع. هو دعوة لإعادة اكتشاف الهوية، وصون ذاكرة وطن، وإلهام الأجيال القادمة لتبني ثقافة الحفاظ على الإرث الإنساني باعتباره أساساً لبناء المستقبل.
في جميع المحافظات السورية، من خلال بيانات دقيقة وصور عالية الجودة يتم جمعها بالتعاون مع العديد من الشركاء من القطاع المجتمعي والحكومي والخاص.
يمثل المنصة الرقمية الرسمية للمشروع، ويتيح الوصول المفتوح للمعلومات والصور، ليكون مرجعاً موثوقاً للباحثين والمهتمين وعشاق التاريخ حول العالم.
بأهمية التراث المادي ودوره في تعزيز الهوية الوطنية والانتماء، من خلال مشاركة المحتوى الموثق عبر المنصة الرقمية ووسائل الإعلام.
وحمايته باعتباره جزءاً من مسؤوليتهم تجاه وطنهم، وتحويل الوعي الثقافي إلى سلوك عملي يحافظ على الإرث الإنساني.
جمع المعلومات والصور المتاحة عبر المصادر المفتوحة، والمنصات الرقمية، والأرشيفات الموثوقة، مع التحقق من دقتها ومطابقتها للواقع عبر مقارنتها بالمراجع المعتمدة.
الاعتماد على المراجع الأكاديمية الوطنية والعالمية، والتقارير الصادرة عن هيئات التراث الرسمية والمنظمات الدولية، مع الابتعاد التام عن أي مصادر غير موثوقة.
فرز المعالم بحسب نوعها (قلاع، خانات، أسواق، حمامات، بيمارستانات، دور عبادة، بيوت أثرية، مسارح ومدرجات، معالم أثرية).
تصنيف حالة كل معلم ضمن فئات واضحة (مدمر كلياً – مدمر جزئياً – محفوظ – قيد الترميم).
ترجمة النصوص إلى اللغة الإنجليزية باستخدام المصطلحات التاريخية والمعمارية الدقيقة لضمان وضوح المعنى وحفظ الدقة الأكاديمية.
مراجعة شاملة لكل البيانات والصور والنصوص للتأكد من صحتها اللغوية والتاريخية قبل النشر، بما يضمن اتساق المعلومات ودقتها.
إدراج المحتوى المترجم والمدقق على الموقع الإلكتروني الرسمي للمشروع، الذي يضم أكثر من 500 معلم أثري وتاريخي من جميع المحافظات السورية، ويتيح تصفحها وفق المحافظة، والنوع، والحالة، مع نصوص غنية تحكي تاريخ كل معلم وأهميته الحضارية.
الغرفة الفتية الدولية (JCI) هي شبكة عالمية من القادة الشباب والمواطنين الفعّالين، تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً، وتجمعهم رؤية مشتركة لصناعة أثر إيجابي في مجتمعاتهم. تضم هذه الشبكة أكثر من 200,000 عضو نشط في أكثر من 5000 غرفة محلية منتشرة ضمن أكثر من 120 دولة حول العالم، وتعمل على تمكين الشباب من خلال منحهم فرصاً للتطوير الشخصي والمهني والمجتمعي، بما يسهم في بناء قادة المستقبل وصنّاع التغيير.
ينفذ مشروع "كنوز سوريا" بروح المنظمة الهادفة إلى التعاون والعمل الجماعي، حيث ساهمت عدة غرف محلية من الغرفة الفتية الدولية في دعم وتحقيق أهداف المشروع من خلال جهود بحثية وتوثيقية في العديد من المحافظات المختلفة، وهم:
كان للغرفة الفتية الدولية حمص إسهام كبير في رصد وتوثيق المعالم التاريخية في قلب سوريا، بما في ذلك الأسواق القديمة، ودور العبادة، والمباني التراثية. كما عملت الغرفة على إجراء مقابلات مع السكان المحليين وخبراء الآثار لإغناء المحتوى بقصص وتفاصيل تاريخية فريدة.
شاركت الغرفة الفتية الدولية بانياس بدور محوري في توثيق المعالم الأثرية والسياحية في الساحل السوري، مع التركيز على المواقع التي تعكس التاريخ البحري والتجاري للمنطقة. أسهمت الغرفة في جمع بيانات دقيقة وصور توثيقية عالية الجودة، مما أضاف بعدًا مهمًا للمنصة الرقمية للمشروع.
عملت الغرفة الفتية الدولية دمشق القديمة على تغطية المعالم الأثرية داخل المدينة التاريخية، بما في ذلك البيوت الدمشقية، الأسواق، والبوابات القديمة. وتميزت جهودها بالجمع بين التوثيق الفوتوغرافي والتحليل التاريخي، مع الحفاظ على أصالة الصورة واللغة التي تعكس روح دمشق العريقة.
ساهمت الغرفة الفتية الدولية السويداء في توثيق المعالم المميزة للجنوب السوري، خاصة المواقع الأثرية التي تعود إلى العصور الرومانية والنبطية والبيزنطية. كما ركزت جهودها على جمع معلومات تاريخية ومعمارية تسلط الضوء على الطابع الفريد للمنطقة، وإبرازها كجزء لا يتجزأ من الهوية السورية.
معلم أثري موثق ضمن الموقع
آخر تحديث لمعلومات الموقع
زائر استفاد من الموقع
جميع الحقوق محفوظة لصالح JCI Aleppo
All rights reversed to JCI Aleppo