يُعد قصر مفيد الأمين، الواقع في حي الورشة ضمن مدينة حمص القديمة، أحد أبرز المعالم التاريخية التي تجسّد التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها المدينة على مرّ القرون. شُيّد القصر في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) خلال الحقبة المملوكية على يد الأمير شهاب الدين الكوجكي، وكان يُعرف حينها باسم السرايا الكوجكية، حيث أدى وظيفة إدارية مهمة كدار للحكم والقضاء، مما جعله ثاني دار حكم بعد قصر الزهراوي في المدينة.
مع مرور الزمن، تغيّرت وظائف القصر وأسماؤه، فعُرف لاحقاً باسم دار القديس مار إليان الحمصي، نسبةً إلى إقامة القديس مار إليان وأهله فيه، مما منح الموقع رمزية دينية مسيحية مهمة. ثم تحول اسمه إلى دار الملاك في فترة لاحقة، وربما كانت مرتبطة بوظيفة روحية أو بملكية عائلية جديدة. وأخيراً، أصبح يُعرف باسم دار مفيد الأمين نسبةً إلى أحد مالكيه في العصر الحديث، وهو الاسم الذي استقر في الذاكرة الشعبية المعاصرة.
تعكس هذه التحولات المتتالية التعدد الديني والثقافي لمدينة حمص، وتبرز أهمية القصر كمعلم حضري عاش أدواراً إدارية ودينية وسكنية عبر أكثر من سبعة قرون. وقد أُدرج المبنى رسمياً على لائحة الآثار السورية عام 1967، واعتمد لاحقاً كمركز توثيق تراثي، ما يؤكد قيمته الرمزية والتاريخية في الذاكرة الجمعية للمدينة.
